إذا كانت الإمكانيات التقنية والمساندة الشعبية هي العامل الوحيد الذي يعتمد عليه اختيار اللجنة الأولمبية الدولية للمدن المنظمة لدورات الألعاب الأولمبية ، لكانت فرصة العاصمة الأسبانية مدريد مؤكدة في الفوز بحق تنظيم أولمبياد 2016 .
ويجرى التصويت في الثاني من تشرين أول/أكتوبر المقبل خلال اجتماعات الجمعية العمومية للجنة الأولمبية الدولية في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن لاختيار المدينة المنظمة لأولمبياد بكين.
ولكن الصراع على استضافة الدورات الأولمبية يتسم دائما بأنه غير متكافئ.
وتتنافس مع مدريد على استضافة هذه الدورة ثلاث مدن أخرى هي العاصمة اليابانية طوكيو ومدينتا شيكاغو الأمريكية وريو دي جانيرو البرازيلية.
واعترفت مرسيدس كوجهين النجمة السابقة للمنتخب الأسباني الفائز بذهبية الهوكي في أولمبياد برشلونة 1992 والتي تشغل منصب الرئيس التنفيذي لملف مدريد لطلب استضافة أولمبياد 2016 بأن شعورها كان "لذيذا مؤلما" عندما نشرت لجنة التقييم التابعة للجنة الأولمبية الدولية في الثاني من أيلول/سبتمبر الحالي تقريرها عن ملف مدريد.
وذكرت لجنة التقييم في وصفها لملف مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية أنه "عالي الجودة والإمكانيات". ولكن مسئولي اللجنة اكتفوا في وصفهم لملف مدريد بأنه "متعدد الإمكانيات".
وقالت كوجهين "لسنا جيدين في الاتصال بالآخرين". وأوضحت أن شعورها كان جيدا لأن لجنة التقييم رأت أن المشروع الذي يتضمنه الملف جيد ولكنها شعرت أيضا بالألم لأن اللجنة لم يقدم لها شرحا وافيا عن الملف والمشروع .
وعندما يعتمد مصير الملف على أصوات 106 أعضاء باللجنة الأولمبية من جنسيات وثقافات ومجموعات مختلفة تماما تصبح عدم القدرة على بيع (شرح وتوصيل) المشروع مشكلة كبيرة.
ويمثل هذا العجز في التواصل مع الآخرين لطمة قوية لهذا البلد الذي خرج منه خوان أنطونيو سامارانش الذي تولى رئاسة اللجنة الأولمبية الدولية بين عامي 1980 و2001 وهو نفس البلد الذي استضاف واحدة من أفضل دورات الألعاب الأولمبية وهي أولمبياد برشلونة 1992 .
وذكرت لجنة ملف مدريد 2016 أنها ستعتمد على مساندة سامارانش وخبرته رغم أن اللجنة لم تتبع نصائح سامارانش في بداية رحلة المنافسة على طلب التنظيم.
وصرح سامارانش إلى وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) قائلا في تموز/يوليو الماضي "إذا توصلت ريو دي جانيرو ومدريد إلى اتفاق قبل عملية التصويت سيكون ذلك رائعا".
وحضر سامارانش فعاليات دورة الألعاب الأمريكية التي استضافتها ريو دي جانيرو ويدرك جيدا نقاط القوة في ملف ريودي جانيرو والتي تتركز في أن المدينة تطلب تنظيم أول دورة ألعاب أولمبية على الاطلاق في قارة أمريكا الجنوبية.
وقالت كوجهين إن التراجع أو السقوط ليس بديلا مطروحا أمام مدريد الذي يقود وفدها في كوبنهاجن العاهل الأسباني الملك خوان كارلوس.
ولكن مع اقتراب اجتماعات اللجنة الأولمبية الدولية التي يجرى خلالها التصويت تدرك مدريد جيدا أنها لا تستطيع الاعتماد في الجولة الأولى من التصويت على أصوات أمريكا اللاتينية رغم أن مسئولي الملف يدركون أيضا أنه سيستعيدون هذه الأصوات إذا تقدموا للجولة الثانية من التصويت.
وستكون هذه هي المحاولة الثالثة من مدريد لاستضافة الأولمبياد بعدما فشل طلبها قبل أربع سنوات لاستضافة أولمبياد 2012 .
وبعيدا عن أخطاء الملف ونقاط النجاح تحمل مدريد على كاهلها عبئا كبيرا لا يقع اللوم فيه على كوجهين وفريقها وهو "عملية بويرتو" الخاصة بالمنشطات والتي لم تحل حتى الآن.
وصرح أحد أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية إلى وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) قائلا "مشكلة مدريد أن (عملية بويرتو) ما زال لها تبعات".
وضاعفت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (وادا) من مشاكل ملف مدريد بعدما أضرت إلى إجراء تغييرات في القوانين الأسبانية الخاصة بمكافحة المنشطات من أجل تجنب أي مشاكل في الملف الأولمبي.
وبين هذه اللحظات القاسية والجميلة تحاول أسبانيا إيجاد طريق تظهر به نفسها في أفضل شكل ممكن خاصة مع النجاح الرياضي الذي حققته في الآونة الأخيرة بإحراز لقب بطولة كأس الأمم الأوروبية الماضية لكرة القدم (يورو 2008) وكذلك البطولة الأوروبية لكرة السلة بالإضافة لكونها قوى عالمية في التنس وكذلك تألقها في ألعاب القوى وإعادة اكتشاف قوتها في السباحة.
ويسعى وفد ملف مدريد إلى تحقيق ثلاثة أهداف خلال اجتماعات اللجنة الأولمبية الدولية في كوبنهاجن ويأتي في مقدمتها عبور الجولة الأولى من التصويت ثم تعزيز قوة الملف كبديل ثان أمام اللجنة الأولمبية الدولية واجتذاب بعض الأصوات والتي قد تكون حاسمة في عملية التصويت.
